انتهت الهزة السياسية وبدأ الحديث عن أخرى أمنية، وسط معطيات تؤكد أنّ جميع الأجهزة الأمنية متأهبّة لرصد أية تحركات إرهابية من شأنها اشعال الداخل اللبناني. وتوضح مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى لـ”ليبانون ديبايت” أنّها تلقّت معلومات موثوقة لأخذ الاجراءات اللازمة في محيط العاصمة بيروت، والابتعاد قدر الإمكان عن هذه المنطقة في الفترة الحالية.
وتؤكد مصادر أمنية أنّ لبنان ليس بعيداً عن كل هذه التحذيرات، مشيرة إلى أنّ التحركات الاستباقية التي تقوم بها العناصر الأمنية بتوجيه من القيادات لصدّ المجموعات المتفلة داخل المناطق أو القادمة عبر الحدود اللبنانية ــ السورية متواصلة.
وتوضح أنّ الشبكات التي يتم تفكيكها تدريجياً منها المعلن والسرّي غير مرتبطة بإسرائيل، إنّما هي خلايا متشددة تحمل فكر تنظيم “داعش” وتعمل على استهداف مناطق وفقاً للطوائف. وهناك مجموعات تابعة لأنظمة بعينها تسعى إلى اشعال البلد أمنياً. وتشير إلى أنّ هزائم “داعش” في المنطقة العربية لن تثنيه عن مواصلة إرهابه، بل العكس فقد خلقت له استراتيجية جديدة عبر تكثيف انتشاره في الدول المجاورة، ولبنان تحديداً، في ظلّ هروب عناصره من سوريا والعراق.
في السياق ذاته، تعتبر جهات أمنية أنّ الخوف من أية هزّة أمنية قائم، باعتبار أنّ لبنان على مفرق طرق من الجبهات المشتعلة في الشرق الأوسط، وتحديداً سوريا واليمن. وتؤكد أن السلطات اللبنانية تضع كامل جهدها لإحباط أية محاولة، لكن مدى حصول هذا الخرق وارد في أية لحظة.
وتذكّر أنّ الأزمة السياسية التي عاشها البلد طيلة الشهر الماضي كانت تهدف إلى خلق فراغ سياسي لإحداث فتنة أمنية تعيد البلد إلى حروبه السابقة، لكن السلطات اللبنانية بالتعاون مع الدول الغربية والعربية المعنيّة جنّبت لبنان من الدخول في النار المشتعلة حوله.
وعن حقيقة الاغتيالات السياسيّة، تشير المصادر ذاتها إلى أنّ هذا الملف حاضر بشكل دائم، وجميع الشخصيات تتوخّى الحذر تبعاً للمعلومات التي تردها من الجهات المعنيّة.
ويكمن الهدف في تخريب الساحة السياسية اللبنانية، وفقاً لهذه الجهات، في أنّ الأزمات في سوريا واليمن تأخذ منحى آخر، وأي طرف عربي يشعر أنّه في مأزق وأفق الحل السياسي بعيدة ولا تصب لصالحه سيعمل على تحريك هذه الخلايا الإرهابية في الداخل اللبناني، حيث الساحة الرخوة، لاقتناص الفرصة وإعادة ترجيح الكفة لصالحه.
وتلفت إلى أنّ عدة دول مجاورة لها جماعاتها المتشددة في لبنان، ويمكن تحريكها ساعة تشاء، وهم من جنسيات مختلفة وبينهم لبنانيون، ينتشرون على كامل الأراضي اللبنانية، ويتم رصد هؤلاء، وفقاً للتعاون القائم بين الأجهزة اللبنانية والأجنبية.
وفي ظل هذه التهديدات، ترى المصادر الأمنية أنّ إسرائيل تقف في صفة المراقب، وهي تحاول اليوم استدراج حزب الله في سوريا، عبر تكثيف غاراتها تجاه مواقع إيرانية وأخرى تابعة للنظام السوري، لإخلاء الساحة اللبنانية لهذه الشبكات الإرهابية، التي يهدف بعضها لضرب مناطق محسوبة على الحزب.
هذه التحذيرات يقابلها تطمينات من أطراف أمنية أخرى، أنّ الأمن ممسوك، إذ إن هناك تنسيقاً متكاملاً بين القوى الأمنية والاستخبارات الدولية، منعاً لزعزعة الاستقرار المتربّص في لبنان، باعتبار أنّ أمن البلد حالياً، في ظلّ صراعات المنطقة، يُعتبر مطلباً إقليمياً أساسياً، لأنّ أية ضربة تنعكس دولياً في ملفات عدة أبرزها النزوح السوري.